سورة يوسف - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


{وقال الملك ائتوني به} بيوسف {أستخلصه لنفسي} أجعله خالصاً لي لا يشركني فيه أحدٌ {فلمَّا كلَّمه} يوسف {قال إنك اليوم لدينا مكين} وجيهٌ ذو مكانةٍ {أمين} قد عرفنا أمانتك وبراءتك، ثمَّ سأله الملك أن يُعبِّر رؤياه شفاهاً، فأجابه يوسف بذلك، فقال له: ما ترى أن نصنع؟ قال: تجمع الطَّعام في السِّنين المخصبة ليأتيك الخلق فيمتارون منك بحكمك، فقال: مَنْ لي بهذا ومَنْ يجمعه؟ فقال يوسف: {اجعلني على خزائن الأرض} على حفظها، وأراد بالأرض أرض مصر {إني حفيظٌ عليمٌ} كاتبٌ حاسبٌ.
{وكذلك} وكما أنعمنا عليه بالخلاص من السِّجن {مكنَّا ليوسف} أقدرناه على ما يريد {في الأرض} أرض مصر {يتبوأ منها حيث يشاء} هذا تفسير التَّمكين في الأرض {نصيب برحمتنا مَنْ نشاء} أتفضَّل على مَنْ أشاء برحمتي {ولا نضيع أجر المحسنين} ثواب المُوحِّدين.
{ولأجر الآخرة خير...} الآية. أَيْ: ما يعطي الله من ثواب الآخرة خيرٌ للمؤمنين، والمعنى: إنَّ ما يعطي الله تعالى يوسف في الآخرة خيرٌ ممَّا أعطاه في الدُّنيا، ثمَّ دخل أعوام القحط على النَّاس، فأصاب إخوة يوسف المجاعة، فأتوه مُمتارين، فذلك قوله: {وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون} لأنِّهم على زيِّ الملوك، وكان قد تقرَّر في أنفسهم هلاك يوسف. وقيل: لأنَّهم رأوه من وراء سترٍ.


{ولما جهزهم بجهازهم} يعني: حمل لكلِّ رجلٍ منهم بعيراً {قال ائتوني بأخٍ لكم من أبيكم} يعني: بنيامين، وذلك أنَّه سألهم عن عددهم فأخبروه، وقالوا: خلَّفنا أحدنا عند أبينا، فقال يوسف: فأتوني بأخيكم الذي من أبيكم. {ألا ترون أني أوفي الكيل} أُتمُّه من غير بخسٍ {وأنا خير المنزلين} وذلك لأن حين أنزلهم أحسن ضيافتهم، ثمَّ أوعدهم على ترك الإِتيان بالأخ بقوله: {فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون}.
{قالوا سنراود عنه أباه} نطلب منه ونسأله أن يرسله معنا {وإنا لفاعلون} ما وعدناك من المراودة.
{وقال} يوسف {لفتيانه} لغلمانه: {اجعلوا بضاعتهم} التي أتوا بها لثمن الميرة، وكانت دارهم {في رحالهم} أوعيتهم {لعلَّهم يعرفونها} عساهم يعرفون أنَّها بضاعتهم بعينها {إذا انقلبوا إلى أهلهم} وفتحوا أوعيتهم {لعلهم يرجعون} عساهم يرجعون إذا عرفوا ذلك؛ لأنَّّهم لا يستحلُّون إمساكها.
{فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منّا الكيل} حُكم علينا بمنع الكيل بعد هذا إن لم نذهب بأخينا. يعنون قوله: {فلا كيل لكم عندي ولا تقربون}. {فأرسل معنا أخانا نكتل} نأخذ كيلنا.
{قال هل آمنكم عليه...} الآية، يقول: لا آمنكم على بنيامين إلاَّ كأمني على يوسف، يريد: إنَّه لم ينفعه ذلك الأمن، فإنَّهم خانوه، فهو- وإن أَمِنَهم في هذا- خاف خيانتهم أيضاً، ثمَّ قال: {فالله خير حافظاً}.
{ولما فتحوا متاعهم} ما حملوه من مصر {وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي} منك شيئاً تردُّنا به وتصرفنا إلى مصر {هذه بضاعتنا ردت إلينا} فنتصرَّف بها {ونميرُ أهلنا} نجلب إليهم الطَّعام {ونزداد كيل بعير} نزيد حِمْل بعيرٍ من الطَّعام، لأنَّه كان يُكال لكلِّ رجلٍ وِقْر بعير {ذلك كيلٌ يسير} متيسِّرٌ على مَنْ يكيل لنا لسخائه.
{قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقاً من الله} حتى تحلفوا بالله {لَتَأْتُنَّني به إلاَّ أن يحاط بكم} إلا أن تموتوا كلُّكم {فلما آتَوْهُ موثقهم} عهدهم ويمينهم {قال} يعقوب عليه السَّلام: {الله على ما نقول وكيل} شهيد، فلمَّا أرادوا الخروج من عنده قال: {يا بني لا تدخلوا} مصر {من باب واحدٍ وادخلوا من أبواب متفرقة} خاف عليهم العين، فأمرهم بالتَّفرقة {وما أغني عنكم من الله من شيء} يعني: إنَّ الحذر لا يُغني ولا ينفع من القدر.


{ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم} وذلك أنَّهم دخلوا مصر متفرِّقين من أربعة أبواب {ما كان يغني عنهم من الله من شيء} ما كان ذلك ليردَّ قضاءً قضاه الله سبحانه {إلاَّ حاجةً} لكن حاجةً. يعني: إنَّ ذلك الدّخول قضى حاجةً في نفس يعقوب عليه السَّلام، وهي إرادته أن يكون دخولهم من أبوابٍ متفرِّقةٍ شفقةً عليهم {وإنه لذو علم لما علمناه} لذو يقينٍ ومعرفةٍ بالله سبحانه {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} أنَّ يعقوب عليه السَّلام بهذه الصِّفة.
{ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه} ضمَّه إليه وأنزله عند نفسه {قال إني أنا أخوك} اعترف له بالنِّسب، وقال: لا تخبرهم بما ألقيت إليك {فلا تبتئس} فلا تحزن ولا تغتم {بما كانوا يعملون} من الحسد لنا، وصرف وجه أبينا عنا.
{فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية} وهو إناءٌ من ذهبٍ مرصَّعٌ بالجواهر {في رحل أخيه} بنيامين {ثمَّ أذَّنَ مؤذنٌ} نادى منادٍ {أيتها العير} الرُّفقة {إنكم لسارقون}.
{قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون}؟
{قالوا نفقد صواع الملك} يعني: السِّقاية {ولمن جاء به حمل بعير} أَيْ: من الطَّعام {وأنا به زعيم} كفيل.
{قالوا تالله لقد علمتم} حلفوا على أنَّهم يعلمون صلاحهم وتجنُّبهم الفساد، وذلك أنَّهم كانوا معروفين بأنَّهم لا يظلمون أحداً، ولا يرزأون شيئاً لأحد.
{قالوا فما جزاؤه} أَيْ: ما جزاء السَّارق {إن كنتم كاذبين} في قولكم: ما كنا سارقين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8