{وقال الملك ائتوني به} بيوسف {أستخلصه لنفسي} أجعله خالصاً لي لا يشركني فيه أحدٌ {فلمَّا كلَّمه} يوسف {قال إنك اليوم لدينا مكين} وجيهٌ ذو مكانةٍ {أمين} قد عرفنا أمانتك وبراءتك، ثمَّ سأله الملك أن يُعبِّر رؤياه شفاهاً، فأجابه يوسف بذلك، فقال له: ما ترى أن نصنع؟ قال: تجمع الطَّعام في السِّنين المخصبة ليأتيك الخلق فيمتارون منك بحكمك، فقال: مَنْ لي بهذا ومَنْ يجمعه؟ فقال يوسف: {اجعلني على خزائن الأرض} على حفظها، وأراد بالأرض أرض مصر {إني حفيظٌ عليمٌ} كاتبٌ حاسبٌ.{وكذلك} وكما أنعمنا عليه بالخلاص من السِّجن {مكنَّا ليوسف} أقدرناه على ما يريد {في الأرض} أرض مصر {يتبوأ منها حيث يشاء} هذا تفسير التَّمكين في الأرض {نصيب برحمتنا مَنْ نشاء} أتفضَّل على مَنْ أشاء برحمتي {ولا نضيع أجر المحسنين} ثواب المُوحِّدين.{ولأجر الآخرة خير...} الآية. أَيْ: ما يعطي الله من ثواب الآخرة خيرٌ للمؤمنين، والمعنى: إنَّ ما يعطي الله تعالى يوسف في الآخرة خيرٌ ممَّا أعطاه في الدُّنيا، ثمَّ دخل أعوام القحط على النَّاس، فأصاب إخوة يوسف المجاعة، فأتوه مُمتارين، فذلك قوله: {وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون} لأنِّهم على زيِّ الملوك، وكان قد تقرَّر في أنفسهم هلاك يوسف. وقيل: لأنَّهم رأوه من وراء سترٍ.